كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب
سعة رحمة الله
...............................................................................
وكذلك ما يذكره الله -تعالى- من سعة رحمته في قوله -تعالى- رسم> كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قرآن> رسم> وهذا وعد من الله بأنه كتب على نفسه الرحمة، وهكذا أيضًا الحديث الذي فيه: رسم> أن الله -تعالى- كتب على نفسه في كتاب فهو موضوع عنده على العرش أن رحمتي تغلب غضبي متن_ح> رسم> وكذلك ما ذكر: رسم> أن الله جعل الرحمة مائة جزء، كل جزء طباق ما بين السماء والأرض؛ أنزل منها واحدا، به تتعاطف البهائم؛ حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه متن_ح> رسم> هذه رحمة في قلوب الحيوان.
وكذلك ما جاء أنه -صلى الله عليه وسلم- رأى امرأة؛ لما بحثت عن ولدها ووجدته، رفعته وألصقته بصدرها وأرضعته، فقال -صلى الله عليه وسلم- رسم> أترون هذه قاذفة ولدها في النار؟ قالوا: لا والله، وهي تقدر على عدمه، فقال: الله أرحم بعباده من هذه بولدها متن_ح> رسم> وفي لفظ: رسم> الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها متن_ح> رسم> مما يدل على سعة رحمة الله.
وكذلك إذا تذكر أن الله -تعالى- في الدار الآخرة، في يوم القيامة يرحم عباده، وأنه لا ينالهم الهم الذي ينال أهل الموقف، وأنه يكون ذلك اليوم قصيرًا عليهم؛ وإن كان بعيدًا أو قصيرًا، قدره خمسين ألف سنة، فهذا دليل على أنه واسع الرحمة، وهكذا أيضا ما ذكر في ثواب المؤمنين، من أنه يكرمهم، ويرفع درجاتهم ويعلي مكانتهم، ويعطيهم من الجنة ما يتنعمون به، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
فإن هذا من أسباب تعلق القلوب برحمة الله -تعالى- وكذلك إذا تذكر أحاديث الشفاعة وكثرتها، واختلاف ألفاظها واتفاق المعاني؛ فإن ذلك -بلا شك- من أسباب قوة تعلق القلب بالله -تعالى- وأنه يثق بالله، ويعتمد عليه وحده، وأنه يرجوه؛ يرجو رحمته.
هكذا جاءت الأدلة الكثيرة، في أن الإنسان يتعلق برحمة الله؛ فإذا تذكر أسباب الخوف خاف، وإذا تذكر أسباب الرجاء رجا فيجمع بين الخوف والرجاء، ولا يجوز له أن يُغلب أحدهما، إذا غلب الخوف فإنه يكون آيِسًا، وإذا غلب الرجاء فإنه يكون آمِنًا.
مسألة>